مخاوف حقوقية من اعتزام ألمانيا ترحيل السوريين والأفغان المدانين بجرائم

مخاوف حقوقية من اعتزام ألمانيا ترحيل السوريين والأفغان المدانين بجرائم
ترحيل مهاجرين- أرشيف

أثار تصريح وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت بشأن اعتزام الحكومة “تكثيف ترحيل مرتكبي الجرائم من طالبي اللجوء السوريين والأفغان” مخاوف واسعة داخل الأوساط الحقوقية، نظراً لخطورة إعادة أشخاص إلى دول مصنّفة أمميًا كغير آمنة، وبخاصة سوريا وأفغانستان.

تعتبر كل من سوريا وأفغانستان من الدول التي تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان، بما يشمل الإخفاء القسري، والتعذيب، والمحاكمات غير العادلة، فضلاً عن تهديدات مباشرة بالقتل أو الاضطهاد السياسي والأمني، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم السبت.

وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أنّ العودة القسرية إلى هاتين الدولتين تمثّل انتهاكًا صريحًا لمبدأ عدم الإعادة القسرية (Non-Refoulement)، وهو مبدأ ملزم بموجب القانون الدولي.

ويشدد خبراء قانونيون على أن محاسبة المجرمين داخل النظام القضائي الألماني يجب ألا تتحوّل إلى ذريعة لتعريضهم لخطر الموت أو التعذيب عند الترحيل.

تمييز بين الجريمة والهوية

تخشى منظمات حقوقية من أن يؤدي الخطاب السياسي الحالي إلى وصم مجتمعات بأكملها من السوريين والأفغان، وتحميلهم مسؤولية سلوك أفراد محدودين.

وتحذّر هذه الجهات من أنّ استخدام عبارة “ترحيل المجرمين من اللاجئين" قد يُسهم في تعميمات سلبية تؤثر على نحو مليون لاجئ في ألمانيا لا علاقة لهم بالجرائم.

وتشير شهادات لاجئين إلى تزايد القلق داخل مراكز الإيواء، إذ يخشى البعض من أن تتحول الإجراءات من استهداف المدانين إلى الضغط على فئات أخرى عبر صيغ قانونية مبهمة أو استخدام “خطر الأمن العام” كمبرر للترحيل.

ضمان السلامة بعد الترحيل

ألمح الوزير دوبرينت إلى استمرار المحادثات مع سلطات سوريا وأفغانستان لتنفيذ عمليات ترحيل “هادئة”.

غير أنّ منظمات دولية ترى أن عدم وجود ضمانات أمنية أو اتفاقيات رسمية مع حكومات مستقرة يجعل أي عملية ترحيل محفوفة بمخاطر كبيرة، خاصة في ظل عدم استقرار الأوضاع الأمنية في سوريا، وسيطرة طالبان على المؤسسات الأمنية والقضائية في أفغانستان، واستمرار الانتهاكات الواسعة ضد المعارضين أو العائدين من أوروبا.

وتؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن أي عودة إلى سوريا غير آمنة على الإطلاق، بغض النظر عن المنطقة أو الانتماء.

متطلبات القانون الدولي

تعكس تصريحات الوزير استجابة حكومية لضغط شعبي متزايد بشأن الجرائم المرتكبة من بعض المهاجرين.

لكن خبراء الأمن يشددون على أن تعزيز الردع داخل ألمانيا لا ينبغي أن يتم عبر ترحيل أشخاص إلى بيئات تمثل خطرًا مباشرًا على حياتهم، لأن ذلك ينتهك القانون الدولي ويخلق مشكلات حقوقية وإنسانية أوسع.

ويطالب حقوقيون الحكومة بالتركيز على تحسين آليات الاندماج، تطوير برامج مراقبة وإعادة تأهيل اجتماعي، وتعزيز إجراءات المحاكمة والسجن داخل ألمانيا بدل الترحيل.

سياسة تستند إلى الحقوق 

يرى محللون أن من الضروري عدم توظيف ملف الترحيل كورقة انتخابية، خصوصًا مع تنامي الخطاب اليميني في أوروبا.

كما يشددون على ضرورة التمييز بين مساءلة المجرمين وفق القانون الداخلي والحفاظ على التزامات ألمانيا الدولية تجاه اللاجئين، إذ إن العقوبة الجنائية لا يمكن أن تتضمن تعريض شخص لخطر التصفية أو الاعتقال التعسفي أو التعذيب في وطنه الأصلي.

ويشكّل التوجه الألماني نحو الترحيل المنتظم للمجرمين المدانين من السوريين والأفغان إجراءً قانونيًا داخليًا مشروعًا نظريًا، لكنه يصطدم بمعايير الحماية الدولية وبالواقع الإنساني شديد الخطورة في دول المصدر.

ويؤكد مراقبون أن ألمانيا مطالبة اليوم بصياغة سياسة تقوم على محاسبة عادلة داخل الحدود الألمانية، منع الإعادة القسرية، ضمان عدم تعميم الجريمة على اللاجئين ككتلة واحدة، والحفاظ على التزاماتها الأخلاقية والقانونية تجاه الأشخاص الفارين من الحروب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية